الجمعة، 18 مارس 2016

فيلم ديزني: زوتوبيا


لم يسبق لي وأن كتبت عن فيلم أو مسلسل، وفي الحقيقة لم أكن أخطط لفعل هذا أبداً. أحب الأفلام وأستمتع بالمسلسلات بالتأكيد، إلا أنني لست أكتب إلا عن مواضيع الفائدة والإلهام غالباً، ولست أهتم كثيراً بالأشياء المسلية؛ وإن كانت الأفلام غالباً تحمل معاني عميقة وقصص غنية بالنصائح، إلا أنها لا تلمس عادة روحي، وأنظر نحوها على أنها تسلية فقط بالنسبة لي. لكن، هذا الفيلم الذي شاهدته يوم السبت لمسني بعمق، واستدعى أحاسيس القوة والطموح في نفسي وأيضاً شعرت بأنه حاكا الواقع الذي تعيشه البشرية اليوم. فيلم مذهل ومليء بالإبداع وتم صنعه بمهارة وذكاء، وهو أفضل فيلم لدزني شاهدته حتى الآن.


يأخذ الفيلم مجرى أحداثه في عالم حيث تطورت فيه الحيوانات وتركت طباعها الوحشية والهمجية. في أحد المناطق الريفية تعيش أرنبة تدعى جودي هوبس، التي كبرت وحلمها أن تكون شرطية لتحقق العدالة. لاقت السخرية من الآخرين، والتثبيط من أهلها لأنه لم يسبق لأرنب صغير أن أصبح شرطياً. إلا أنها لم تستسلم، وكانت مؤمنة بأنها تستطيع تحقيق حلمها في المستقبل. بعد جهد كبير بذلته في أكاديمية الشرطة، نجحت وكانت الأولى في دفعتها وتم إرسالها إلى مقر الشرطة في مدينة زوتوبيا الشهيرة حيث تعيش كل أنواع الحيوانات هناك. كانت سعيدة عندما وصلت، ومندهشة من اتساع المدينة وتنوعها، إلا أن سعادتها لم تلبث أن تلاشت فقد تم تفويضها في مقر الشرطة لمهمة في مواقف السيارات، أما رجال الشرطة الآخرون، الذين يبدون كالعملاقة بجانبها، تم تفويضهم لجرائم الإختطاف المستمرة التي حيرت الشرطة دون أن يستطيعوا حلها. لاحقاً، تشترك جودي في التحقيق مع مساعدة الثعلب، نيك وايلد، عندما وجدته في صورة أحد المفقودين.

هذا الفيلم يقدم معاني عميقة جداً، وإن لم يستطع الأطفال بالضرورة ربطها بالعالم الحقيق فسوف تنزرع في نفوسهم وتأثر على سلوكهم. أحد هذه المعاني، هي أنه لا وجود لمستحيل، فالأرنبة جودي أثبتت أنها لا يجب أن تكون بالضرورة متوافقة مع الصور التي رسمها المجتمع عن رجال الشرطة لتصبح شرطية. إنه شيء طبيعي أن يضع الأفراد معايير ونماذج لما يجب أن يكون الشخص عليه في مجال ما، لكن من المستحيل أن يكون هذا صحيحاً فالناس مختلفون وذو شخصيات ومهارات متنوعة ومن المستحيل أن يتوافقوا حتى لو كانوا في نفس الوظيفة. هناك مهارات أساسية يجب تعلمها بالتأكيد، لكن كل شخص سوف يتعلمها ويتقنها بطريقته الخاصة التي تناسبه.

شيء اخر، وما جذبني جداً، هو أن الفيلم وجد طريقه لمعالجة العنصرية بطريقة جذابة ومختلفة، تجعلنا بالأحرى نعيد التفكير في هذه المشكلة. دائماً ما نسمع ونقرأ عن وجهات النظر حول العنصرية، لكن هذه الأفكار عادة متكررة لهذا لا تترك تأثيراً كبيراً على النفس. إلا أن هذا الفيلم قدم هذه الأفكار بطريقة مختلفة، نظراً أن هذا مجتمع حيوانات والإختلاف بينها كبير وعلى وجه أوضح. العنصرية تصدر غالباً من الصور النمطية السلبية التي يرسمها مجتمع ما عن أفراد معينين، وفي هذا الفيلم مثلاً نلاحظ الصورة النمطية المرتبطة بالثعالب، وهي أنها مكارة ولا مجال للثقة بها. وأمر اخر تصدر العنصرية منه، هو الحكم على مجموعة كاملة استناداً على أفعال واحد أو أقلية منهم. وأكرر، الناس غالباً ما يرسمون الصور ويضعون المعايير في رؤوسهم طبقاً لما سمعوه أو لمسوه من أقلية ما، ولكن هذا يبقى تصوراً مستحيلاً فكل شخص مستقل ومختلف وإن كان هناك تشابه بينه وبين غيره. نحن نتشابه، ثم نختلف.

هذا الفيلم كان ناجحاً وهادفاً، ولا أجد كلمات تستطيع وصف إعجابي الشديد به. أعتقد أيضاً بأن نجاح الفيلم قد أتى أيضاً من أنه قد قدم في وقته، ولامس الحاضر الذي نعيشه اليوم. العالم يتألم كثيراً، وفي نواحي عديدة. ومنها العنصرية الشديدة وعدم إدارك الإختلافات والفروقات بين الناس وقبولها، وقد أدى هذا للكثير من الحقد والكره. حريتنا تكون في إختلافنا، وتكون بتعايشنا مع هذه التفاصيل. وبدلاً من أن نحبط البعض، ونلومهم لأجل اختلافاتهم ونلصق بهم الصور النمطية، علينا أن نشجع على هذا التنوع وقبوله، وعلى إيجاد طرق تناسب كل فرد منا للتعايش في محيطه. وفي النهاية، لا شيء مستحيل، يجب فقط أن نستخدم عقولنا ونفتحها لأي فرص ونظرات جديدة حول هذا العالم الواسع.

هناك 9 تعليقات:

  1. ماشاء الله شوقتيني اشوفه �� وموضوعك كامل وجميل

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً لانا. أسعدني ردك يا فتاة. ؛)

      حذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. البحث عن المتعة دائمًا والنظرة البسيطة للأفلام تفقدنا الكثير من قيمته والمعاني التي يرمز لها، لكن بعض الأفلام تجذبنا لا شعوريًا
    وتغير نظرتنا لها من موقف بسيط، عدم الاستسلام والرضوخ للتحبيط، تقبل الاختلاف، ونبذ العنصرية كلها مفاهيم نحتاج نتوقف عندها دائمًا ونراجع أنفسنا في طريقة تطبيقها في حياتنا
    أما الصورة النمطية أعتقد إنها بتبقى أحد مشاكلنا الأرلية، مرات أشك أن الإنسان مهووس بالتصنيف ووضع المعايير على كل شيء....
    كلامك حمسني أشوف الفيلم نترقب رفعه أونلاين ههه:(

    أعجبتني التدوينة، شكرًا إيكا نترقب المزيد :)

    ردحذف
    الردود
    1. فعلاً، ووجدت هذا الفيلم جذاب وذكي ومسلي، ويجعلنا نفكر بهذه المشاكل بطريقة مختلفة. وكما قلتي، الصورة النمطية ستبقى مشكلة البشر في كل مكان وزمان. ومع أن العالم "تفتح" إلا أنني لاحظت أن هذه الصور في الحقيقة تزداد، لأن الناس تعلموا أكثر عن الدول الأخرى، وفي نفس الوقت كان لهم مجال أكبر ليتخيلوا كيف يكون الشعب المنتمي لهذه الدولة؛ وهذا ما أتصوره.
      إذا شاهدتي الفيلم لا تنسين تعطيني رأيك فيه. وشكراً لكِ على الرد، أسعدتيني جداً حقيقة. ؛)

      حذف
  4. وين شفتي الفيلم؟

    ردحذف
  5. جميل الفيلم وهدفه عميق و سامي ، حبيته مسلي ومفيد ،، ❤

    ردحذف