الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

عودتي + قليل من الفضفضة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مرت مدة طويلة منذ أن شاركت موضوعاً في مدونتي، وأعتذر بعمق على هذا. حدثت أشياء كثيرة منذ بداية هذه الإجازة، أشياء كثيرة جداً لدرجة أنني أعجز عن إستيعاب حقيقة أنها قد حدثت في مثل هذا الوقت القصير؛ مع أنني خلال ذلك الوقت كنت أشعر بأنه كان طويلاً جداً، ولكن الآن عندما أنظر لكل شيء قد حدث أشعر بأنه قد مر بلمح البصر. إنه شعور جيد أحياناً.. أن تشعر بأن الوقت في الحقيقة يسير ولا يثبت على نقطة واحدة.

فكرت ما إذا كان علي أن أكتب هذه التدوينة، ووجدت بأنه من الأفضل أن أفعل. مع أنه من الصعب أن يشارك الشخص مشاعره بإنفتاح وعمق للناس، بالذات إذا كان بعضهم أشخاصاً يعرفهم، وفوق هذا إن كنت من ذلك النوع الذي يريد أن يظهر صلباً. هناك سببان لهذه المشاعر في نفسي: أولهما أنني أشعر بأنني أقف عارية أمام الناس عندما أشارك ما في خاطري، والآخر خوفي من أن يفقد من حولي ثقتهم بي عندما يشهدون ضعفاً في نفسي. لكن بعد التفكير، شعرت بأن السبب الثاني -وهو الأهم بالنسبة لي- قد لا يكون حقيقياً.. شعرت بأن مشاركة المشاعر في الحقيقة قد تعزز ثقة الأشخاص ببعضهم. لا بأس أن يظهر الشخص ضعيفاً أحياناً، أليس كذلك؟ ربما العكس، ربما أن إخفاء المشاعر جبن وضعف.

عشت الأربع سنين الأخيرة بهدوء شديد، وكان كل شيء كالنهر الصافي الذي يجري طوال الوقت بنفس السرعة دون أن يعكره المطر ويفيض. شعرت بأن حياتي سوف تصبح أسهل وأسهل مع الوقت، فقد عشت أصعب جزء منها في السنوات الأبكر والباقي سيكون بسيطاً وسهل التنبؤ. سيكون هناك بالتأكيد أوقات مظلمة، ولكنها قد لا تزن لتصير مشكلة، فهناك أشياء أهم وأعظم سوف ترجح بها. كنت أعتقد بأن المستقبل بيدي، وبأنني أستطيع أن أراه بوضوح، وبأنني يجب أن أنتظر قليلاً حتى أصل إليه. ولكنني بطبيعة الحال، كنت مخطئة. أعتقد بأنه من السخيف أن أقول هذا لسبب ما، ولكن ما حدث كان أشبه بطعنة من الخلف. 

كنت خائفة، ومحتارة، وضائعة لم أستطع أن أجد موطئاً لأقدامي لمدة. نسيت المستقبل الذي كنت أفكر به عادة، وكان المستقبل الذي لا يستطيع خيالي أن يتعداه هو يوم الغد وماذا قد يخبئه لي؛ ولكن مع ذلك لم أكن أجد الوقت لهذا المستقبل فالتمسك بالحاضر واللحظات الحالية كان صعباً لوحده ولا مجال لشيء اخر.. وكل نَفسٍ كان مهماً وكأنه الأخير. صرت أتمسك بأي فرصة تظهر فوراً، وكل يوم أصنع خطة ما لتملأ اليوم.. يجب أن أكون مشغولة. لم يكن هذا هرباً أو محاولة لإشغال نفسي عن ما جرى، بل بدأ مفهوم جديد بالتشكل.. مفهوم لم أتخيل بأنني في يوم ما سوف أدركه: المستقبل لا يهم بقدر الحاضر. 

تعلمت درساً من كل هذا، درساً لم أكن لأتعلمه لولا ما جرى لي. ليس من الخطأ التفكير والتخطيط للمستقبل، ولكن على الشخص أن يعيش الحاضر بتفاصيله. قد يكون فات أوان هذا الدرس بالنسبة لي، قد أكون خسرت المستقبل فعلاً، ولكن ربما إن عشتُ كل لحظة وتماسكت فيها وعددت أنفاسي في كل خطوة فلن أضيع بعيداً عن الطريق الذي رسمته. أعتقد بأن من أفضل صفاتي هي أنني مهما كنت محتارة وضائعة فأنا دائماً سأفعل ما هو صحيح لي ولغيري، وأيضاً إيماني الأعمى بأن لكل شيء يحدث لنا معنى، لهذا أنا أمتلك بعض الثقة بنفسي. 

إنني خائفة، سأكذب إن قلت العكس، وخائفة كثيراً من أشياء لم أتخيل قط بأنها سوف تثير الرعب في نفسي هكذا يوماً ما. خائفة من المستقبل. خائفة من لحظة يخسر فيها ما هو قيم قيمته. خائفة من أن يفقد أحد ثقته بي. خائفة من تحطيم قلب أمي، وأن لا أكون الشخص الذي يريدني أبي أن أكونه. خائفة من الليالي التي أنام فيها وحيدة. خائفة من ليلة تنقشع فيها الغيوم عن القمر. خائفة من أن لا يبقى لي في هذه الدنيا شيء. وأخيراً ما أنا خائفة منه أكثر من أي شيء اخر هي نفسي. 

سأعود بإذن الله إليكم وإلى التدوين وإلى ممارسة حياتي وروتيني المعتاد بما أننا قد عدنا إلى أمريكا، وأتمنى أن تكون أيامي القادمة هادئة وسعيدة. مع أن رفيقاً جديداً يدعى الكآبة قد انضم إلي في هذه الأيام الفائتة -كردة فعل طبيعية لما حدث بالأحرى-، واستراح على كتفي دون أن يدلي بموعد رحيله. فشكراً لهذا الرفيق، سأحاول بقدر المستطاع التفكير بنفسي أكثر، وبالأشياء التي تهمني وتسعدني لأن هذا ربما ما كان ينقصني منذ البداية. فأنا لم أمتلك من قبل الشجاعة، أو ربما الإقدام الكافي، لفعل ما يسعدني حقاً، فالأشياء التي أفعلها كلها لنفسي المستقبلية دون التفكير بنفسي التي توجد في الحاضر. في النهاية، الخيرة فيما اختاره الله، وبإذنه سأكون بخير مهما جرى لي.

وأغني لنفسي مقطعاً من أغنية رحلة إلى الماضي من فيلم أنستازيا: "أيها القلب لا تخذلني الآن، أيتها الشجاعة لا تتخلي عني."

هناك تعليق واحد:

  1. ""تعلمت درساً من كل هذا، درساً لم أكن لأتعلمه لولا ما جرى لي. ليس من الخطأ التفكير والتخطيط للمستقبل، ولكن على الشخص أن يعيش الحاضر بتفاصيله. قد يكون فات أوان هذا الدرس بالنسبة لي، قد أكون خسرت المستقبل فعلاً، ولكن ربما إن عشتُ كل لحظة وتماسكت فيها وعددت أنفاسي في كل خطوة فلن أضيع بعيداً عن الطريق الذي رسمته""

    أولا مرحيا بعودتك مجدداً
    كثير ما نعتقد ان التفكير بالمستقبل كثيرا سيساعدنا
    بس يفقدنا المتعة خلال هذه الرحلة ..
    والحياة تجارب .. سعيدة بعودتك و التدوينة جميلة

    ردحذف