كتب: رواية عزازيل ليوسف زيدان

تمهيد/

في هذه الرواية التاريخية جمال وسحر لم يسبق لي وأن وجدته من قبل بين صفحات رواية أخرى. أشعر بأن الكاتب قد عامل هذا الكتاب كلوحة فنية، واهتم بأدق تفاصيلها بحذق ومهارة، لتخرج في النهاية لوحة أخاذة ومتقنة. أعتقد بأن الجمال والفن مرتبط ارتباطاً كبيراً بالتاريخ، وربما هذا ما جعل الكاتب يهتم بزيادتها جمالاً؛ فاختياره للكلمات والعبارات عذب ومتقن، وكل كلمة لها معنى وأهمية. شعرت بأنني أيضاً، قد عدت إلى الماضي القديم، بمهارته السردية المذهلة.

ارتبطت كثيراً بالشخصية الأساسية -الراهب هيبا-، وأدخلني الأسلوب الجميل في أعماق صدره، وشعرت بأنني أصبحت كياناً واحداً مع هذا الراهب المسيحي. حتى أنني وجدت نفسي من خلاله؛ وجدت جزء مني قد نسيته منذ زمن. ذلك الجزء هو الرغبة في العيش في هدوء وسلام، فالراهب هيبا يريد أن يقضي سنوات عمره بعيداً عن ضجة العالم. إلا أنني، قد هجرت هذه الرغبة منذ زمن، فالعالم الآن مختلف عن الماضي، وأكثر تعقيداً وصعوبة حتى، وهناك الكثير من الأشياء التي لا يصح تجاهلها. لا بأس، فأنا أخطط لإستيعاب كل هذه الجلبة والتعقيد بإذن الله.

نبذة بسيطة/

أحداث الرواية كانت تقريباً في نهاية القرن الرابع للميلاد، وبداية الخامس، وهي تحكي عن راهب مصري يدعى هيبا الذي دون قصة حياته في لفائف ليرضي وسواسه. عاش هيبا في شكوك ووساوس دائمة، باحثاً عن ما يسكن قلبه وروحه في عدة أماكن، تتنوع في مصر والشام.

في الرواية العديد من الحقائق التاريخية، ودخل فيها الكثير من البحوث والعمل، وهذا ما أعجبني كثيراً في الحقيقة، فهي أقرب إلى سجل تاريخي حول هذه الحقبة القديمة والمنسية. وهذه الحقائق تشمل الديانة المسيحية وعلوم اللاهوت، فالكتاب سجل تاريخي أيضاً للديانة المسيحية وتطوراتها.
نشرت الرواية في تاريخ ٢٠٠٩م بواسطة دار الشروق.

اقتباسات/

"والقلب يا هيبا فيه نور الإيمان، ولكن ليس لديه القدرة على البحث والإدراك وحل المتناقضات." 

"اكتبْ يا هيبا، فمن يكتب لن يموت أبداً."

"والفهم أيها الأحبة، وإن كان فعلا عقليًا، إلا أنه فعل روحي أيضًا.. فالحقائق التي نصل إليها بالمنطق والرياضيات إن لم نستشعرها بأرواحنا، فسوف تظل حقائق باردة، أو نظل نحن قاصرين عن إدراك روعة إدراكنا لها." 

"أبحرت إلى عوالم بعيدة، وراء هذا العالم. غصت في أزمنة سحيقة لم تعرف الشقاء البشري، أزمة أسبق مما يحكيه سفر التكوين عن بدء الخليقة.. مَنْ الذي كان موجوداً قبل وجود الإنسان على الأرض. الله، الملائكة، الشيطان؟ ماذا كانوا جميعاً يفعلون، قبل وجودنا وانشغالهم بنا؟" 

عن الكاتب/

الدكتور يوسف زيدان باحث ومفكر مصري متخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه. له عديد من المؤلفات والأبحاث العلمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي. كما أن له مقالات دورية وغير دورية في عدد من الصحف المصرية والعربية. (١)
من أعماله:
- رواية النبطي ٢٠١٠م
- رواية ظل الأفعى ٢٠٠٨م

خاتمة/
في الختام، أريد أن أقول بأنه كتاب رائع وأنصح بقراءته. تعلمت الكثير من الأشياء، عن النفس، وعن التاريخ أكثر. هناك الكثيرون لا يجدون أي اهتمام نحو التاريخ، في هذه الحالة أقترح عليهم أن يجربوا قراءة هذا الكتاب مع هذا، ربما يجدون التاريخ مثيراً للإهتمام.

(١) مصدر