السبت، 19 سبتمبر 2015

رحلة بلا هدف


لدي صديقتان قد تخرجتا من الثانوية. بالنسبة لي، فإن هذا أمرٌ عظيم ويدعو للحماس، لأن الإنسان في مثل هذه المرحلة يبدأ صفحة جديدة من الحياة مليئة بإذن الله بالتجارب والأشياء الجديدة. سألتهن نفس السؤال "وش ناوية تدخلين؟" أجابتا بنفس الجواب حرفياً "ما ادري." جمعت حاجبيّ باستغراب "وش تحبين طيب؟" وكلتاهما أجابتا بنفس الجواب الأول "ما ادري." هذا الجواب ليس محدوداً فقط على هذا النوع من المواقف، فأنا سألت أناساً كثيرين عن اهتماماتهم وما يحبون وتلقيت نفس هذا الجواب، ولكن في ذلك الوقت لم أكن ألقي للموضوع أي اهتمام، ولكن بعد موقفي مع هاتين الصديقتين شعرت بأن أهميته أكبر مما كنت أتصور. إذا أردنا دولة ناجحة فنحن نحتاج شعباً ناجحاً، وإذا أردنا شعباً ناجحاً فنحن بحاجة إلى أفرادٍ ناجحين.. وكيف سيكون الفرد ناجحاً إن لم يكن له هدفٌ وحلم؟

قد تنظر إلى حياتك وتجد نفسك قد سعيت خلف المتعة طوال الوقت دون أن يكون لك أي رغبات معينة، فتهيم في الحياة وكأنك ضائع ليس لديه رغبة في ايجاد الطريق. قد تكون طالباً ممتازاً أو عاملاً مجداً، ولكن ما الفائدة من هذا إن لم يكن هناك رؤية مستقبلية وهدف؟ فكأنك تتسلق الجبال وتمشي في الصحراء بلا مكان تريد الوصول إليه، وكما قال المحاضر الأمريكي زيج زيجلار"إذا كنت تهدف إلى لاشيء، سوف تصل إليه في كل مرة" وهنا للأسف يصبح لا قيمة للرحلة الطويلة، فالحياة رحلة ويجب أن يكون هناك مكان، أو حتى أماكن، نريد الوصول إليها. 

تختلف الأهداف من شخص إلى اخر، وهي ليست مقتصرة على وظيفة أو مكانه، فقد تكون بسيطة كالرغبة في دعم عائلتك وسد حاجاتهم وعيش بقية حياتك في سكون معهم، وقد تكون عظيمة كالرغبة في أن تكون ثرياً وتمتلك شركاتٍ كبيرة حول العالم. المقياس الوحيد للأهداف هي رغبة الشخص نفسه، فلا وجود لهدفٍ لا قيمة له ما دام سيوفر السعادة والرضى في قلب صاحبه.

الأهداف دائماً ما ترتبط بهوايات الشخص أو ما يحبه، فإذا وجدت شيئاً تحبه –مهما بدى بسيطاً وغير مهم- فهذا سيقودك إلى رحلة استكشافية وسوف تجد نفسك وحلمك خلالها. أنا مثلاً أحب التصميم الجرافيكي وهذا ما قادني إلى تصميم المواقع ثم تعلمت عن لغات الكمبيوتر والبرامج وقرأت عن هذه المواضيع أكثر فوجدت نفسي منجذبة لها كثيراً، وأنا لا أزال في رحلتي هذه وهناك الكثير من الأشياء والخيارات التي يخبئها الطريق أمامي ولا أعلم عنها. هذه الرحلة ليست للصغار فقط، فخض هذه الرحلة مهما كان عمرك لأن الآوان لم يفت، فالحياة ملكك أيضاً. 

في النهاية، اعرف نفسك وغص في أعماقها وابحث عن أهدافك ولا تنساق مع بقية الناس. دائماً ما يحث على أن يكون لكل شخصٍ منا طريقٌ وفكرٌ مستقلين عن الأخرين، فلكلن منا بصمة مختلفة ويجب أن نترك ذكرى مختلفة، وسأختم مقالي باقتباس للكاتب مارك توين "عندما تجد نفسك مع الأغلبية، فأنه الوقت للوقوف والتفكير." والسلام عليكم.

هناك تعليق واحد:

  1. الغريب في الموضوع إنه الناس تدخل التخصصات حسب مستقبلها الوظيفي مو حسب ميولها " زيي مثلاً " ، لكن بصراحة كانت قائمتي مليانه بالتخصصات اللي اعتبرها شخصياً جميلة وماتفرق معي دراسة أي واحد منها ، اخذت الفرق بالمفاضلة المستقبل الوظيفي ..

    اعتقد إن سبب الـ " ما أدري " هو قلّة المعلومات حول التخصصات من جميع النواحي .. ❤

    ردحذف